التعريف بنظرية الإلتزام |
1- موضوع نظرية الالتزام:
هو الحق الشخصي الذي يطلق عليه اسم الالتزام إذا نظر اليه من ناحية المدين الذي في ذمته المالية التزام بأداء معين لصالح الدائن.
وقد درجه شراح القانون المدني على استعمال اصطلاح نظرية الالتزام بدل اصطلاح نظرية الحق الشخصي على اساس ان الناحية الغالبة في العلاقة بين الدائن والمدين هي الناحية السلبية اي الالتزام ولا أدل على ذلك من امكانية ان ينشأ الالتزام دون وجود دائن معين وقته نشوئه كما في حالة الوعد بجائزه ويمكن كذلك أن يوجد الالتزام مع عدم امكان إلزام المدين على الوفاء به كما في حالة الالتزام الطبيعي.
2- مفهوم وأهمية نظرية الالتزام:
تتضمن نظرية الالتزام بمجموعة القواعد العامة والمبادئ الكلية التي تنظم علاقات ونشاطات الأفراد ذات الطابع المالي داخل المجتمع، فهي بهذا تشكل العمود الفقري للقانون المدني ، وهو ما أهلها لأن تكون القاعدة العامة التي يجب الوضوء اليها سواء في القانون المدني أو في القانون التجاري او في القوانين الأخرى طالما أنه لم يوجد نص خاص في هذه القوانين.
فمثال نظر ية التصرف القانوني ونظرية التعسف في استعمال الحق ونظرية المسؤولية المدنية ليست مقصورة في تطبيقها على علاقات الأفراد فيما بينهم بل يشمل أيضا علاقاتهم بالسلطة العامة، كما تطبق على العلاقات الدولية وإن كان تطبيقها في هذا المجال وغيره يشملها من التحوير بالقدر الذي يتناسب مع خصوصية وطبيعة هذه العلاقات (فالمسؤولية الدولية و المسؤولية الإدارية جاءت نتيجة تطور المسؤولية المدنية).
3- مميزات نظرية الالتزام:
تمتاز نظرية الالتزام بالمميزات التالية
تتضمن نظرية الالتزام مبادئ كلية : فهي لا تتضمن ولا تتناول الأحكام والقواعد التي تحكم التزام بعينه، كالتزام البائع بنقل ملكية الشيء المبيع الى المشتري، بل تتناول الأحكام الأساسية العامة التي تخضع لها الالتزامات في مجموعها بصرف النظر عن ذاتيه كل الالتزام.
تمتاز بشيء من الثبات والاستقرار: على أساس أنها تتضمن المبادئ العامة التي تخضع لها الالتزامات في مجموعها من دون ان تتطرق الى الجزئيات والتفاصيل.
تتميز قواعد نظرية الالتزام بالطابع النظري والمنطقي في ذات الوقت: فقد استند واضيعها أي فقهاء القانون الروماني الى المنطق وهذا بعد تجريد الالتزام من ذاتية موضوعه وشخصية طرفيه.
4- تطور نظرية الالتزام:
يرجع أصل صياغة نظرية الالتزام الى القانون الروماني ثم انتقلت بعدها الى القانون الفرنسي، وتعرضت الى اعادة صياغتها وبلورتها على يد الفقيهين دوما Domat و بوتيه Pothier، وقد استمد المشرع الجزائري أحكام نظرية الالتزام كغيره من القوانين العربية من القانون الفرنسي مع تكملتها ببعض أحكام الشريعة الإسلامية.
وتعد نظرية الالتزام أكثر أجزاء القانون ثباتا واستقرارا، لما تتصف به من تجريد ومنطقية، إلا أنها تخضع لسنة التطور كباقي الشرائع والنظم الدنيوية الأخرى حيث نالها بعض التغيير والتطوير من حيث الصياغة القانونية ومن حيث فكرة الالتزام بذاته.
فمن حيث الصياغة القانونية لم يكن القانون الروماني يعرف القاعدة المعروفة اليوم و هي قاعدة كل من سبب بخطائه ضرر للغير يلزم بالتعويض كما لم يعرف مبدأ الرضائية في العقود ، حيث كان الأصل في ظله هو شكلية العقود.
أما فكرة الالتزام ذاتها فقد تطورت تحت تأثير تطورالظروف الاجتماعية و الاقتصادية و الأدبية ، حيث يظهر تأثير الظروف السياسية والاجتماعية على فكرة الالتزام خصوصا بعد انتصار المذاهب الاشتراكية على حساب المذهب الفردي، وهو الذي ترتب عليه تراجع مبدأ سلطان الإرادة وظهور العقود الموجهة التي يتكفل القانون بوضع أهم شروطها بدل إرادة المتعاقدين كعقد العمل وعقد التأمين وعقد الشركة.
أما التطور الاقتصادي فقد أدى إلى ظهور نظريات وقواعد جديدة تثمن باقي القواعد التي تضمنتها نظرية الالتزام مثال نظرية تحمل التبعة وعقد التزام المرافق العامة و إقامة المسؤولية المدنية على أساس الضرر أما العوامل الأدبية فقد ساهمت في ظهور مبدأ حسن النية في تنفيذ العقود كما في المادة 108 ق م ونظرية الإثراء بلا سبب ونظريتا الغبن والاستغلال.