📁 آخر المواضيع

مبدأ حظر التدخل في الشؤون الداخلية للدول

 

مبدأ حظر التدخل في الشؤون الداخلية للدول
مبدأ حظر التدخل في الشؤون الداخلية للدول

يلاحظ على هذا المبدأ عدة نقاط أهمها:

أولا: غموض تحديد مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدولة:

يعد مبدأ خطر تدخل الأمم المتحدة في الشؤون الداخلية للدول الأعضاء ، ضمن أحكام نص المادة 2 الفقرة 7 من الميثاق ، مبدأ في غاية الأهمية، والتي نصت على أنه "ليس في الميثاق ما يسمح للأمم المتحدة أن تتدخل في الشؤون التي تكون من صميم السلطات الداخلية للدولة ما وليس فيه ما يقتضي الأعضاء أن يعرضوا هذه السائل لأن تحل بحكم هذه الميثاق على أن هذا المبدأ لا يحل بتطبيق تدابير القمع الواردة في الفصل السابع".

ثانيا: مظاهر غموض صياغة المادة 2 الفقرة 7 من الميثاق:

لقد أثارت الصياغة الغامضة والعامة التي تميزت بها  المادة 2 الفقرة7 جملة من الملاحظات بشأن إعمالها في الواقع الدولي.

1- عدم وجود معيار فاصل بين مبدأ عدم التدخل والتدخل كاستثناء:

رغم تأكيد ميثاق الأمم المتحدة على ضرورة احترام مبدأ عدم التدخل وإقرار شرعيته في حالات استثنائية، ولكن المادة لم تضع معيار فاصل بين حالات التدخل وعدم التدخل، فهو لم يحدد الحد الفاصل بين القاعدة والاستثناء، ذلك أن عدم وجود اتفاق بين الفقهاء حول معنى ومضمون التدخل المهني عنه، وحتى عدم اتفاق الدول  على ذلك، هذا ما جعل من التمييز بين عدم التدخل والتدخل مسألة تقديرية تعتمد على مجموعة من الاعتبارات، وإعمال السلطة التقديرية للدول في حد ذاته سببا لممارسة الازدواجية في المعاملة.

أدى عدم تحديد التدخل من عدمه ضمن ميثاق الأمم المتحدة، إلى اختلاف الفقه الدولي حول شرعية التدخل، حيث رفض جانب من الفقه يتزعمه الاتحاد السوفيتي التدخل مهما كانت صورته وأشكاله، ويعد انتهاك سيادة الدولة، وذهب اتجاه آخر إلى إن التدخل لا يقتصر بالأضرار بالدولة المتدخل فيها فحسب، بل يؤثر على مصلحة المجتمع الدولي والعلاقات الدولية ورأى الفقيه " lauterpacht" أن التدخل المحظور هو التدخل بالمفهوم الضيق الذي يكون مصحوب باستعمال القوة أو التهديد بها، وأما توجه  آخر فقد اعتبر  التدخل مفهوم غامض ما دام الجماعة الدولية لم تحدده ضمن ميثاق الأمم المتحدة. 

2-عدم تحديد مدى شمول الحظر لجميع أجهزة الأمم المتحدة أم لا:

ثار خلاف في مسألة القيد المانع للتدخل هل هذا الحظر ينطبق على جميع أجهزة الأمم المتحدة ما عدا النقاط المقرر لمجلس الأمن بموجب آخر فقرة من المادة، ورغم أن هذه الفكرة أكدتها البعثة الأمريكية في مؤتمر سان فرانسيسكو ، ولكن الفقيه "كلسن" أثار الانتباه إلى صعوبات يمكن تواجهها الأمم المتحدة عند تطبيق المادة 2 ف7 من الميثاق ، وهذا مخالف الفصل التاسع والعاشر، وخصوصا المادة 55 و 62 التي تؤكد على تمتع الأمم المتحدة بصلاحيات واسعة في المجال الاقتصادي والاجتماعي، فإنه من الصعب الوفاء بمهامها الأساسية في هذه المجالات دون التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأعضاء، كما تثير صياغة المادة رغم وضوحها من خلال قصر حظر التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأعضاء على أجهزة المنظمة، ولكن البعض فسر تقرير حظر التدخل للدول في الشؤون الداخلية للدول الأخرى غير العضو في المنظمة.

3-غياب معايير تحديد السلطان الداخلي للدولة:

طرحت صياغة المادة إشكالا في تفسيرها فيما يتعلق بمعايير تحديد المجال أو السلطان الداخلي للدولة، وطرح تساؤل حول المعيار الذي يتم تحديد على أساسه ما يعد ضمن السلطات الداخلية للدولة وما يخرج عنه، حيث يلاحظ أن  هذه المسألة تتعلق بالمقام الأول بسيادة الدول، وبناء على نص المادة الأولى الفقرة 04 والمادة 02 ف2 فإن ميثاق الأمم المتحدة يعتبر هو المرجع والمنسق لأعمال الأمم المتحدة وعلاقاتها، ولذلك فإن القانون الدولي أو الداخلي هو الذي يحدد مجال عمل واختصاص الدولة وشؤونها الداخلية.

4- كما أن صياغة المادة 2 ف 7 لم توضح الاستثناء عن عدم التدخل والانتهاكات التي تشكل أساس للتدخل كاستثناء عن قاعدة عدم التدخل، فعند الحديث عن حقوق الإنسان نجد أن فقهاء القانون الدولي يتفقون على أن حقوق الإنسان ليست من طبيعة واحدة، وهناك حقوق تفوق مكانتها حقوق أخرى.

ثالثا: عدم توضيح آلية إعمال التدخل الدولي:

طرحت صياغة المادة 2 ف7 في نهايتها مسألة في غاية الأهمية، وهي أن التدخل يقتصر حسب رأي بعض الفقه على التدابير التي يتخذها مجلس الأمن ضد دولة ما لتخفيف المعاناة الإنسانية لرعاياها ، أما الدكتور "حسام محمد هنداوي" فيري أن المفهوم الضيق للتدخل وحصره في التدخل العسكري لم يعد يتناسب مع تطور الجماعة الدولية، وإنما قد يكون التدخل بوسائل الإكراه السياسة والاقتصادية أيضا، وهذا ما اعتبره الدكتور "عماد الدين عطاء الله محمد" أن الجمع بين التدخل بالوسائل السلمية والعسكرية غير سليم من الناحية القانونية، والتدخل بالوسائل السلمية عمل مشروع في حين التدخل بالقوة المسلحة انتهاك للمادة 2 ف4 من الميثاق.

تعليقات